
كيف يكون التأمل الناجح
بقلم الماستر محمود زكي
عند حلول وقت التأمل تذهب لتجلس جلسة معينة و ربما تردد مانترا أو تتخيل أمور معينة، و تستمر في تكرار جلسة تلو الأخرى بانتظار أن تهبط عليك قدرة إلاهية أو أن يحدث لك تغير داخلي مبهر لم يكن في الحسبان، أليس ذلك ما يفعله ممارسي هذه الأيام؟
و ربما تمكنت بالفعل من الوصول لشئ مبهر و تستطيع أن تشعر بحركة الطاقة تتحرك بداخلك بقوة و عنف أثناء التأمل، فهل تمكنت من تسخير تلك الطاقة بشكل ما لمساعدة نفسك أو غيرك؟ هل تحسن فكرك و عواطفك بعد تلك التجارب العنيفة و صرت قادراً على إفادة من يمرون بمشاكل حرجة؟ أم صرت راهباً و تفضل الوحدة؟ مفاجأة أليس كذلك!
أو ربما يمكنك أن ترى أشياء لا يراها غيرك و تأخذك لعوالم روحية و لا يمكن سوى لغيرك أن يراها؟ بل حتى لن يراها المعلمين، تدري لماذا؟ لأنها أشياء في عقلك فقط.
ما سبق ذكره هي أمثله صغيرة لما قد يواجهه بعض الممارسين المتسرعين في بلوغ الأهداف الروحية، و جميعها تجارب يختلقها العقل ليحاول إرضاء الممارس.
لا يكتسب العقل قدرة القيام بمهارة معينة إلا بعد ممارستها بشكل كافي
و الممارسة تأتي عبر التعلم
و التعلم يأتي بإسكات العقل
عملياً سيعجز عقلك عن تطبيق مهارة جديدة ما لم تكن قد أنصت جيداً للمعلم أو المحاضر الذي يعطيك التعليمات، أما لو تعجلت و حاولت اختصار الخطوات أو تطبيق تعاليم أخرى متضاربة سمعتها من مصادر أخرى فسينتهي بك المطاف للفشل.
هنا في علم الطاقة صار يوجد الكثير ممن هب و دب الذين يمكنهم أن يعلموك عن التأمل و الشاكرات و الكثير من الأمور السرية التي نادراً ما كانت تخرج إلا لمستحقيها، فأصبح الممارسين يرغبون باختبار عدة تجارب روحية في عدة أيام في حين أن الفترة الطبيعية لاختبار تلك التجارب بشكل صحي و صحيح قد تصل من 5 – 10 سنوات.
التأمل مهارة جديدة تحتاج لإرشادات بسيطة للقيام بها، و هي :
1- أن تجلس جلسة مريحة.
و هذه الجلسة المريحة ما هي إلا تهيئة لجسدك و عقلك لكي يسترخو و يرتاحو، و ليست لكي تصعد بك للمريخ.
2- بعدها تسمح لجسدك ككل أن يسترخي، إبدأ بأطراف قدمك، ثم القدم، فالساق، فالفخد، فالبطن، فالظهر، فالصدر، فالكفين، فالذراع، فالوجه، اسمح لكل جسدك أن يسترخي تماماً و إذا وجدت أن منطقة ما لازالت مشدودة قم بالتركيز معها لفترة أطول و اطلب منها أن تسترخي بلطف.
إن لم تكن واعياً لجسدك المادي، فكيف ستعي أجسادك الطاقية؟ وفقاً لتشريح نظام الطاقة الداخلي ترتبط الأعصاب بعدد ضخم من الشاكرات، لذلك يكون من السهل استشعار بعض الشاكرات و خصوصاً الرئيسية لكونها مرتبط مباشرة بعقد عصبية، لذا إن لم تكن مسترخياً بما يكفي فسينعكس ذلك بتوتر على الجسد، الذي بدوره سيوتر العقد العصبية و المخ، بالتالي لن تشعر بالطاقة بشكل صحيح.
3- بعد أن تكون قد استرخيت بشكل صحيح، إبدا بمراقبة التنفس، أو ترديد مانترا مثل OM
يهدف التأمل للتحكم بتدفق الفكر، لا إيقافه، لا يوجد شخص مستنير قادر على إيقاف الفكر، و توجد حالة واحدة يتمكن فيها الشخص من إيقاف الفكر و هي أن يموت، فحينها فقط يتوقف العقل و القلب و الأفكار معهم.
إذاً من الأخطاء الرائجة أن يحاول البعض إيقاف العقل، و هذا غير ممكن، أنت لا تبحث عن إيقاف العقل، فلو أنك تختبر حالة إيجابية من الأفكار و المشاعر فهل ستفكر في إيقاف عقلك؟ بالطبع لا، لذلك نعمل على استعمال تقنية كالتنفس أو المانترا لتوجيه العقل تجاهها طوال فترة التأمل.
4- تأتي ثمار المرحلة الرابعة بعد فترات من الممارسة، و هي ما يمكن أن نطلق عليها “حالة اللافعل” أو “الوعي النقي”.
بعد كل جلسة تأمل تلاحظ حالة من الهدوء الذهني، و ربما لا تؤثر عليك الأمور المزعجة التي عادة ما تزعجك إلا بعد عدة ساعات، و ذلك للتالي:
- يمكنك أن تعتبر فكرك كوعاء به ماء مغلي، و أفكارك المشتتة هي الماء المغلي الذي يعيقك عن رؤية قاع الإناء.
- عندما يصفو ذهنك و يهدأ الماء تتمكن من رؤية قاع الإناء، الذي يتسم بالصفاء و لا شئ سوى الصفاء.
- هذا الصفاء المؤقت هو شرارة صغيرة جداً مما يطلق عليه الوعي النقي.
- مع الممارسة المستمرة يتحد الممارس أكثر مع تلك الحالة و يصير هو الصفاء أو السكون بحد ذاته، فيدرك أن الأفكار ليست سوى أدوات يختبر بها الحياة، أي أنه هو من عليه تحريكها و ليس العكس.
- كلما بلغ الممارس حالة أكبر من الصمت كلما تمكن نظام طاقته من استقطاب طاقات نظيفة و طرح طاقات ملوثة، بالتالي تتفتح المهارات الروحية بشكل طبيعي و سليم.
- أي محاولة للتأثير على مجريات التأمل، و أي محاولات لإستشعار شئ محدد أو التركيز على مراكز بعينها، ستبوء بفشل و تأخر لتطورك يمتد لأشهر أو سنوات، مع احتمالية جيدة للإصابة بأمراض عضوية و نفسية.
تأتي ضرورة التنبية على ترك التوقعات و التحكمات المتعلقة بالتأمل لكونه مهارة جديدة، أي تحتاج لوضع تحليلاتك جانباً الآن إلى أن يتمكن العقل من اختبار أبعاد التأمل المختلفة بشكل صحيح، و هو أمر يحتاج لسنوات عدة، أما لو حاولت التحكم و وضعت توقعات لشئ لم يمر به عقلك من الأساس، فستكون النتائج عقلية بحته من ابتكارك و لا تمت للتأمل بصلة.
الاجابات